19
رمضان
1445 هـ
28
مارس
2024 م

فتوى في التحذير من التفريط في التصويت في الانتخابات

line
تاريخ النشر: 2020-03-29 23:42:10
المشاهدات: 913

السؤال :

ما حكم عدم الذهاب للتصويت فى الإنتخابات

الإجابة :

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛

فمن العبارات الخطيرة التي نسمعها اليوم »لا تقحموا المسجد في السياسة«، ويقولون ذلك في أخطر أمور الدين التي يجب فيها أن يقوم المسجد بدوره للحفاظ على الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما يدلك على مدى ما فعله الاحتلال وما فعلته العلمانية في عقول المسلمين من الفساد وغسيل المخ .

ولا يفرق المعترضون بين الدعاية في المسجد لشركة أو منتج، وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان«، ومن أعظم المنكرات أن يقود بلادنا رجل مستهتر بالدين، مشارك في مظالم وعدوان النظام البائد على الأمة، الذي قتل وجن وعذّب خيرة رجال ونساء المجتمع، والذي نهب أموال الأمة وأهدر ثرواتها، وخدم أعداءها، فالواجب على كل مسلم دفع هذا المنكر بما استطاع؛ وإلا فهو آثم، وأي إثم أعظم من الكفر بنعمة الله، وتخريب بيوتنا بأيدينا، واستعادة النظام الفاسد الذي أزاحه الله عنا والتمكين له من جديد؟؟!!حتى صح فينا تهكم الآخرين بنا قائلين: »المصريين شالوا النظام وبعدين حطّوه«.

قال صلى الله عليه وسلم: »لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين«، فكيف يقدم مؤمن عاقل على اختيار نظام لدغ منه من قبل؟ كيف يقدم على هذا الأمر الخطير؟ وكيف يتهاون في هذا الشأن العظيم؟! كيف يؤيد المسلم صاحب السيرة الذاتية السوداء الثابتة بالمستندات الماثلة بين يدي نيابتهم؟ وها هي ذي لمن أراد الاطلاع عليها.

قال صلى الله عليه وسلم: »إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا«... فهذا الحديث العظيم فيه أعظم تخويف لأولئك المتساهلين الذين اتخذوا أخطر الأمور هزوًا ولعبًا، ولا يستحضرون مسئوليتهم بين يدي الله تعالى حين يسألهم عن دعمهم لمن يفسد الدين والدنيا .

إن الذي يعين رجل النظام البائد بالتصويت له؛ يجب أن يعي أنه سيتحمل أمام الله تعالى مسئوليات لا قبل له بها ... مسئوليات تنوء بحملها الجبال ..

سيتحمل أمام الله تعالى وزر إعادة الدولة البوليسية التي تسفك الدماء، فتقتل الناصحين والصالحين، وتلقي بهم في أقبية التعذيب والسجون والمعنقلات، فتستلب حرياتهم وتنتهك أعراضهم.

سيتحمل وزر إعادة زوار الفجر، وإهانة المواطن وإذلاله وإرهابه في فراشه وفي عمله، وفي جميع تحركاته وتنقلاته، وإهدار كرامته وحقوقه بطريقة ممنهجة لصالح القلة الحاكمة وزمرتهم وحاشيتهم المنتفعين.

سيتحمل أمام الله تعالى وزر التمكين لعصابات نهب أموال الشعب وإهدار ثرواته.

سيتحمل وزر التمكين لعصابات رجال الأعمال وزمرة المنتفعين من حاشية النظام البائد.

سيتحمل أمام الله تعالى وزر حماية اليهود وتأمين دولتهم.

سيتحمل أمام الله تعالى وزر العمالة لأمريكا والغرب.

سيتحمل أمام الله تعالى وزر الفتن الطائفية، وجعل أهل مصر شيعًا متصارعة متفرقة.

سيتحمل أمام الله تعالى وزر إفساد أخلاق الأمة، ونشر الرذيلة بين أبنائها، وإغراقهم في الفواحش والمخدرات.

سيتحمل وزر الإعلام الضال المضل، وجميع مساوئ النظام البائد العفن ومفاسده.

فبالله عليك ماذا تقول لربك غدًا وأنت تعلم مسبقًا حين تدلي بصوتك أنك تدلي به لصالح النظام العميل المستبد الخائن المحارب للدين والفضيلة..؟ ؟ ...{ستكتب شهادتهم و يُسألون} [الزخرف: 19].

ومن الوسائل التي يستطيعها كل منا لدفع هذا المنكر الخطير؛ أن يوجه قيادة البلاد لمن هو أصلح وأرضى لله، وذلك بالذهاب للتصويت، وترك السلبية المفضية إلى التمكين للمنكر، وهو جرم عظيم في حق الأمة يبوء بإثمه أولئك السلبيون.

وليحذر كل مسلم من الحجج الساقطة التي يرددها البعض كمبرر لسلبيته؛ كقوله إنه غير راض عن كلا المرشحين، أو أن الانتخابات لن تحقق لنا ما نصبو إليه...ونحو ذلك من الحجج، فإن المسلم مأمور بدفع الضرر الأشد بالضرر الأخف، وأن يتقي الله ما استطاع، و{لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} [البقرة: 286]، وشتان شتان ما بين المرشحَين، {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]، {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2].

أما المقالات المعوجة نريد إسلامًا بلا إسلاميين، أو ننتخب رئيس العصابة حتى لا يطلق علينا كلابه، فلا مكان له في عقيدة المسلم، بل ولا في رأس عاقل، لأنه ما معنى إسلام بلا إسلاميين؟ وهل تنصيب زعيم العصابة إلا بحث عن العبودية وتمكين للشر بدل من إزالته؟

والله إنه لمن تقدير الله لبيان الصادق من الكاذب، والمخلص من النفعي، والمصلح من الفلول؛ أن تنحصر المنافسة في النقيضين وفسطاطين متعاكسين؛ ليهلك من هلك عن بينة ..وأي هلاك أعظم من موالاة أعداء الدين، من داسوا بأحذيتهم على هويتنا الإسلامية، وأعلنوا بلا أدنى حياء؛ "إما حذف نصوص القرآن من المناهج، وإما الجمع بينها وبين نصوص الشرك والتثليث لتحقيق العدالة بالمساواة بين الشرك والتوحيد.

فلا عذر لأحد بعدما وضعنا الله في هذا الخيار الذي لا يلتبس علينا؛ أن يقف في صف المحادين لله ورسوله {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [المائدة: 51]، نعم منهم، ولو كان يصلي في الصف الأول ووالله لا نسامحه ولو كان أبًا أو أخًا؛ حين يجلب لنا من يذلنا ويقهرنا و يفسد ديننا .

عليك أخا الإسلام بيان هذه الأمور بوضوح لمن حولك، واكتسب من الآن ثلاثة أو أربعة أو أكثر تذهب بهم يوم الانتخاب؛ لمنع الفلول من التحكم فينا من جديد ... وقل لمن لا يفهم: إنه على أسوأ تقدير لو ظهر أن مرشح الثورة غير صالح فتغييره أيسر بكثير من تغيير مرشح المجلس العسكري وأمن الدولة والوطني وإعلام الفلول إذا ظهر أنه غير صالح.

وأما من قال إنه قبض المال وحلف فلا أستطيع التراجع فنقول له:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »لعن الله الراشي والمرتشي والرائش«، وهذا الحديث شامل للرشوة التي يدفعها المرشح لمنصب الرئاسة للناس لكي يعطوه أصواتهم، وهو ملعون على ذلك بنص الحديث، وكذلك من يأخذ منه هذه الرشوة، ومن يتوسط في توصيلها وتوزيعها .... فمن فعل ذلك فليتب إلى الله، ولا يجوز له انتخاب هذا الراشي وفاء بالاتفاق الحاصل على ذلك، بل يجب أن ينتخب من يراه أصلح لهذا المنصب، كما يجب عليه توجيه هذا المال للفقراء، أو في مصالح المسلمين، أو في دعم المرشح الأصلح، فالجزاء من جنس العمل، وإذا كان من أخذ الرشوة قد حلف على التصويت للراشي فليكفر عن هذه اليمين بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يستطع فليصم ثلاثة أيام ..

ما أنت يا من توزع المليارات؟ أين كنت عن الناس وهم في محنة حين كان الإسلاميون يساعدون المنكوبين والفقراء معرضين أنفسه للإعتقالات وبطش أجهزتكم الأمنية التي كانت تعاقب من يمد منا يد العون للمحتاجين؟.. الآن ودون سبب توزع المليارات المسروقة وأجهزة اللابتوب وغيرها؟ من الذي أغلق المطار في الثورة قبيل نحي المخلوع عدة ساعات من المصباح إلى المساء لتهريب حاشية المخلوع ومعهم حقائب الأموال الرهيبة المنهوبة من الشعب الجائع؟

إن من أعظم الجرم أن يرتكب الإنسان أبشع الجرائم ثم يتهم بها الأبرياء ويسخر الإعلام العميل الكاذب في الضحك على الدهماء بالكذب والزور والفبركة وإلصاق كل أمر مستنكر في شتى بقاع العالم بمرشح الثورة {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112].

ونختم هنا بكلمات جيدة من تعليقات القراء يوجهونها لمن ينتخب الفلول:

قال أحدهم:

عندما تصدعنا بثوريتك وحق (من نحتسبهم) شهداء، ثم تذهب لتصوت لرئيس وزراء موقعة الجمل ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

عندما ترفض التصويت للإخوان بحجة أنهم باعوا (من نحتسبهم) شهداء ثم تذهب لتصوت من قتلهم ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

عندما ترفض التصويت للإخوان حتى لا يكونوا حزب وطني جديد ثم تصوت للحزب الوطني نفسه ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

عندما تتهم نظام مبارك باضطهادك ثم تصوت لنفس النظام ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

عندما تدافع عن مبارك وتقول بأن العيب كان فيمن حوله ثم سبحان الله تصوت لمن كان حوله ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

عندما تشترط أن يعين الإخوان مرشحك نائبا للرئيس وإلا صوت لشفيق ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

عندما يثور الشعب على الحكم العسكري ويقتل من يقتل منهم ثم تصوت لمن سيعيد الحكم العسكري ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

عندما تصوت لشفيق عندا في الإخوان متناسيا مصلحة بلدك ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

عندما تدعى أنك تحب الإسلام ثم تصوت لشفيق الذي قال بأنه سيلغى الآياتالقرآنية من المناهج، أو سيجعل أعداد الإنجيل جنبًا إلى جنب مع آيات القرآن ... فأنت حقير ولكنك لا تدري.

أرجوك يا أخي كف حقارتك عنا فبأمثالك تنهار الأمم .

العبيدهم الذين يهربون من الحرية، فإذا طردهم سيد بحثوا عن سيد آخر، لأن فينفوسهم حاجة ملحة إلى العبودية؛ لأن لهم حاسة سادسة أو سابعة.. حاسة الذل..لابد لهم من إروائها، فإذا لم يستعبدهم أحد أحست نفوسهم بالظمأ إلىالاستعباد، وتراموا على الأعتاب يتمسحون بها، ولا ينتظرون حتى الإشارة من إصبعالسيد ليخروا له ساجدين .

إنهم لا يدركون بواعث الأحرار للتحرر، فيحسبون التحرر تمردا، والاستعلاء شذوذًا، والعزة جريمة، ومن ثم يصبون نقمتهم الجامحة على الأحرار المعتزين، الذين لا يسيرون في قافلة الرقيق.

أما أنا...

سأنتخبمرسي؛ حتى أخبر أولادي أني حاولت إنقاذ الثورة من أنياب النظام القديم حتىاللحظة الأخيرة، سأخبرهم أنني كنت ضحية مجلس عسكري لم يكن أمينًا مع الثورة،ونخبة فاشلة، وإعلام كاذب، وشارع لم أقصر يومًا في النزول إليه، وأحلام منفرط ما آمنت بها أوجعتني.

سأخبرهم أيضًا أن التاريخ الذي يجلدنا اليوم لا يعترف بمبدأ (ليس فيالإمكان أفضل مما كان)، سأكذب كثيرًا حتى أقنعهم أن جيلي لم يكتف بخلعالدكتاتور وإنتاج صديقه بل حاول وحاول، وناضل، ثم قُتل، حتى جئتم أنتم هاهنا، في هذا الركام، فوجدتم بقايا وطن ضيعه كل ما سبق.